بنية الانهدام وتطوره

شارك المنشور على حساباتك ...
بنية الانهدام العامة: يعتبر الانهدام العربي الإفريقي من أكبر الانهدامات على الكرة الأرضية والذي يمتد لمسافة 6500 كم تقريبا وذلك من نهر زامبيزي في الجنوب عبر الشرق من إفريقيا فالشرق العربي وقد تشكل الانهدام وفق النظريات العلمية الحديثة خلال عدة مراحل بدأت بعمليات نهوض كبيرة تمتد لألاف الكيلو مترات وذات شكل قببي وترتفع لعدة كيلومترات يليها مرحلة الانكسارات والتخلعات ثم التباعد والتوسع والانزياح وتشكل الأغوار والغرابنات والمنخفضات مع ما يرافق ذلك من نشاطات بركانية متنوعة ثم مرحلة امتداد قاع البحر كما هي في البحر الأحمر الآن.
يشكل الانهدام العربي الاستمرار الشمالي لانهدام البحر الأحمر المتجه شمالا والمار عبر خليج العقبة فالبحر الميت وغور الأردن وبحيرة طبريا ثم يأخذ اتجاه شمال شرق في الأراضي اللبنانية حيث يحده من الغرب سلسلة لبنان الغربية ومن الشرق سلسلة لبنان الشرقية ويتابع مسيره في الأراضي السورية باتجاه الشمال اعتبارا من البقيعة وعبر مصياف ثم الغاب حتى الجزء الجنوبي من تركيا متجها بعد ذلك نحو الشمال الشرقي ويمتد لمسافة ما بين 1000- 1200 كم وعلى مسار الانهدام العربي تشكلت وهدات عديدة على شكل غرابنات ناتجة عن هبوط القسم المركزي للنهوض الذي أصيب بفوالق متوازية تتمفصل عن بعضها في أماكن هذه الوهدات فتشكل البحر الميت وغور الأردن وبحيرة طبرية ومنخفض البقيعة ومنخفض الغاب والرج والعمق ويتميز بالإزاحة اليسارية على طول مساره إضافة لإزاحة شاقولية كبيرة و يظهر ذلك في وادي الأردن الانهدامي بهبوط قاع الانهدام وتشكل غور يتضح جليا في التضاريس بشكل وادي ضيق شمالي الاتجاه ذو عرض 10 كم ويعتقد الجيولوجيين الروس بأنه في الوقت الذي تشكل فيه الجزء المركزي للانهدام حدث هنا نهوض في البلوكات الواقعة على طرفيه بحيث أن البلوك الشرقي كان ناهضا أكثر من الغربي ويشير إلى هذا بالدرجة الأولى الفرق في ارتفاع البلوكات فوق قاع الانهدام بحيث يكون البلوك الشرقي أعلى بكثير من البلوك الغربي ومع الأخذ بعين الاعتبار السماكة الكبيرة للرسوبات النيوجينية والرباعية التي تملأ الوادي الانهدامي وكذلك الارتفاع الكبير لأطراف الوادي بالنسبة لقاعه يمكن التأكيد على أن مجموعة انزياحات عمودية تصل إلى عدة ألاف الأمتار وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطرف الشرقي للانهدام يتصف بالبنية السلمية أو كما تسمى بالدرجية حيث يلاحظ مجموعة من الفوالق العادية الشمالية الموازية لفوالق الانهدام الأساسية التي تهبط فيها الأجنحة الغربية لهذه الفوالق بشكل درجي بقدار 50-100م وتميل الصخور الفاصلة بينها باتجاه الغور، كما ظهر الانزياح الشاقولي أيضا في الشمال الغربي من سوريا بشكل مختلف ونهوض الجناح الغربي بالنسبة للجناح الشرقي ففي وهدة الغاب يبلغ إرتفاع الجانب الغربي 1300م والجانب الشرقي 600م وقاع الانهدام 200م وحسب الدراسات الجيوفيزيائية فإن قاعدة الرسوبات الحديثة في غور الغاب تصل إلى عدة مئات من الأمتار في بعض الأماكن لهذا يمكن الافتراض بأن ارتفاع الجانب الغربي للانهدام فوق قاعه يشكل حوالي 1500م والشرقي حوالي 800م وبالتالي فإن مقدار ارتفاع الجانب الغربي للانهدام بالنسبة للجانب الشرقي يتجاوز 1700م وهذا أقل بكثير من قيمة الانزياح الجانبي للانهدام وكذلك أقل من قيمة الانزياح الشاقولي في غور الأردن (حسب الخبراء الروس).
إن الشيء الملفت للإنتباه في بنية الانهدام العربي هو تميزه بظاهرتين هامتين ومثيرتين للتساؤل:
الظاهرة الأولى وهي وجود فرق كبير في مقدار الإزاحة الجانبية اليسارية بين منطقة البحر الميت وشمال غرب سوريا، فالإزاحة الجانبية اليسارية عند البحر الميت تقدر بمئة كيلو متر منها حوالي 60 كيلو متر في الميوسين وأربعين كيلو متر في البليوسين والرباعي ويبلغ مجموع الإزاحة الجانبية واليسارية 20-25 كيلو متر وكانت سرعة الإزاحة الجانبية في البليوسين الرباعي 0.4-0.6مم في السنة وهي قريبة منها في منطقة البحر الميت وهنا يظهر السؤال التالي: أين استمرار الانهدام الميوسيني وما قبله لقد افترض الخبير الروسي الشهير تريفنوف نتيجة أبحاثه بأن نطاق الانهدام الميوسيني وصل حتى شمال جبال لبنان الشرقية والغربية ثم تحول إلى البنية التدمرية التي وصلت فوالقها ذات الاتجاه الشمالي الشرقي حتى الجزء الخارجي من زاغروس و اندمجت مع تراكيب هذه الجبال، ثم تابع الانهدام خلال البليوسين والرباعي بإتجاه الشمال.
الظاهرة الثانية: وهي لماذا ينحرف الانهدام ضمن الأراضي اللبنانية باتجاه الشمال الشرقي ولماذا تحول الانهدام الميوسيني وما قبله إلى البنية التدمرية بنفس الاتجاه ولقد تبين بأنه في الوقت الذي كانت فيه الحركة الجانبية اليسارية المتجهة نحو الشمال والمتوافقة مع حركة الصفيحة العربية تأخذ مداها في هذا الاتجاه حدث في هذا النطاق بالذات ضغوط جانبية آتية من الغرب وقد وصل مركز هذه القوى الضاغطة حتى منخفض البقيعة السورية وقد قادت هذه الضغوط المتجهة نحو الشرق مع الحركة الجانبية الشمالية الاتجاه إلى انحراف الانهدام في هذا الاتجاه نحو الشمال الشرقي وتتفرع فوالق الانهدام الميوسيني وما قبله باتجاه الشمال الشرقي نحو البنية التدمرية والتي أحاطتها من الجنوب والشمال مع نمو عدد من الفوالق العرضية لاحقا والتي يمكن ملاحظتها بمنطقة القلمون و البقيعة وكان تأثير هذه القوى الضاغطة أكبر ما يمكن خلال الميوسين وتناقص في بداية البليوسين كما أن هذه القوى قادت إلى حدوث فوالق عرضية أو ذات اتجاه شمالي شرقي على طول خط الشاطئ الحالي في النطاق المذكور أدت إلى انزياحه تدريجيا بنفس الاتجاه وخلال البليوسين والرباعي تابع الانهدام مسيره باتجاه الشمال متوافقا مع حركة الصفيحة العربية، إن الراسات الحديثة أظهرت أنه أيضا على مسار الانهدام توجد عدة بنيات وأشكال حلقية من النوع المتوسط والصغير مقطوعة بفوالق الانهدام بعضها يقع على الطرف الغربي للانهدام مثل بنية طرابلس وبنية صافيتا والبعض الآخر يقع في الطرف الشرقي مثل بنية جبل الحلو الاندفاعية وبنية إدلب ويعتقد بأن أغلب البنيات الحلقية التكتونية المرافقة للانهدام تشكلت خلال هذه المرحلة، كما يترافق الانهدام بعدد كبير من الفوالق المختلفة الدرجات والأعمار وأقدمها هي الفوالق ذات الاتجاه الشمالي الشرقي والموازية للانهدام ثم الفوالق العرضية الأولية والفوالق ذات الاتجاه الشمالي الغربي ويبين الشكل المرفق مخطط تكتوني للجزء الجنوبي والغربي من سورية مع لبنان بتفسير الصور الفضائية (حسب محمد رقية 1990).
الشكل(1)

اترك تعليقاً