في 21 كانون الثاني 1906 وقع زلزال بقدر 7.4 على عمق 340 كيلومترا تحت اليابان. حدد فوساكيشي أوموري، وهو أحد أفضل علماء الزلازل في العالم في ذلك الوقت، موقع الحدث باستخدام الفاصل الزمني (S-P) وخلص إلى أنه في العديد من محطات قياس الزلازل اليابانية كانت الموجات P مستعرضة والموجات S طولية. وقد حير هذا أوموري، لذا نشر بحثا حول هذا الأمر بعد عام الشكل (1). وهكذا بدأت قصة الزلازل العميقة حيث تعد ورقة أوموري (1907) من بين أقدم المنشورات حول الزلازل العميقة. بالطبع، لأسباب عديدة، لم يكن أوموري ليعرف الحقيقة. في عام 1907، لم يكن مقياس الحجم قد تم اختراعه بعد، ولم تستخدم ورقة أوموري مطلقا المصطلحات “P” أو “S”؛ ولم يكن أوموري يعلم أيضا أن الزلزال كان عميقا؛ في الواقع، لم يكن يعلم حتى أن الزلازل “العادية” تحدث على عمق 40 كيلومترا أو أعمق. لقد تغيرت وجهة نظرنا حول الزلازل بشكل كبير منذ عام 1907؛ لقد تعلمنا الكثير عن الزلازل على مدى المائة عام الماضية. على سبيل المثال، تعلمنا أن الزلازل العميقة شائعة جدا – ما يقرب من ثلث جميع الزلازل لها أعماق بؤرية تتجاوز 60 كيلومترا؛ منها حوالي خمسها يتجاوز 300 كيلومتر. الغرض من هذه المنشورات هو تلخيص ما تعلمناه من قرن من الأبحاث عن الزلازل العميقة، أي الزلازل التي يبلغ عمقها البؤري 60 كيلومترا وأكثر (Frohlich, 2006).
بالنسبة لزلزال عام 1906، استنتج أوموري أن الموجات P كانت مستعرضة والأمواج S طولية لأنه كان يعتقد أن جميع الزلازل حدثت على أعماق ضحلة، وبالتالي أثبتت الفواصل الزمنية (S-P) أن حدثه قد وقع شرق محطة قياس الزلازل الخاصة به، قبالة شاطئ اليابان. لقد كان مخطئا، بالطبع، لأن نموذجه لتحديد موقع الزلزال كان خاطئا؛ في الواقع، كان الزلزال عميقا ويقع مباشرة تقريبا تحت محطات التسجيل. يبين الجدول الشكل(2) بعض الاختصارات التي سنستخدمها في هذه السلسلة (Frohlich, 2006).
في كتالوجات الزلازل العالمية، حوالي 25٪ من جميع الزلازل بأعماق بؤرية تتجاوز 60 كم الجدول الشكل(3)؛ علاوة على ذلك، حتى بالنسبة للزلازل الكبيرة جدا التي تبلغ قوتها 8.0 أو أكبر، فإن تلك التي يبلغ عمقها البؤري 60 كيلومترا وأكثر تشكل حوالي ربع جميع الأحداث، كما أنه ليست كل الزلازل العميقة مرتبطة بالخنادق المحيطية؛ تحدث العديد من الزلازل العميقة المهمة كأحداث معزولة. أخيرا، تحتوي بعض الزلازل العميقة على عدد كبير من الهزات الارتدادية وبعض الزلازل العميقة تكون مدمرة للغاية. لتوضيح بعض الخصائص المهمة للزلازل العميقة، سنقدم وصفا للعديد من الأحداث. بالإضافة إلى ذلك، فإن كلا من الزلازل التي ستتم مناقشتها تعد مهمة لأنها تمثل فئة معينة من الزلازل العميقة، أو لأنها تثير أسئلة مهمة حول ديناميكيات الوشاح.
زلزال بوليفيا 1994:
في 9 كانون الثاني 1994 حدث الزلزال في بوليفيا وكان هذا الزلزال عميقا، وقد حددته جامعة هارفارد بعمق بؤري قدره 647 كيلومترا، وكان كبيرا جدا حقا، حيث بلغت قوته 8.2Mw=. والواقع أنه عندما حدث ذلك كان أكبر زلزال شهده العالم على الإطلاق منذ زلزال سومباوا في عام 1977. وهو أيضا أكبر زلزال تم تسجيله على الإطلاق بعمق بؤري أكبر من 300 كيلومتر. من السمات الرائعة لأمريكا الجنوبية أنها تمتلك نسبة من الزلازل الكبيرة العميقة جدا في العالم الجدول الشكل(4). بالنسبة للزلازل التي يتجاوز عمقها البؤري 300 كيلومتر، شهدت أمريكا الجنوبية أكبر زلزال في العالم (بوليفيا 1994)، وثاني وثالث أكبر الزلازل (كولومبيا، 1970؛ وشمال بيرو، 1922)، وأيضًا العاشر والثالث عشر والخامس عشر والثامن عشر (الحدود بين بيرو وبوليفيا: آب 1963، تشرين الثاني 1963، 1961، و1958). إن سبب حدوث مثل هذه الزلازل الكبيرة هنا وليس في أي مكان آخر هو سؤال مهم. الإجابة ليست واضحة، لأن الغلاف الصخري الذي ينغرز تحت أمريكا الجنوبية ليس قديما وسريعا بشكل خاص (كما هو الحال في تونغا) ولا شابا وبطيئا بشكل خاص (كما هو الحال في شمال غرب الولايات المتحدة). ما الذي يميز أمريكا الجنوبية إذن؟ على الرغم من أن زلزال بوليفيا عام 1994 كان محسوسا في معظم أنحاء أمريكا الجنوبية، إلا أنه لم يسبب سوى أضرارا طفيفة. تحطمت نوافذ المباني الشاهقة وتسببت في بعض الأضرار الهيكلية في لاباز وكوتشابامبا وأورورو، وكلها مدن تقع على بعد حوالي 500 كيلومتر من مركز الزلزال. وتسبب في العديد من الانهيارات الأرضية في جنوب بيرو، والتي زعم أنها كانت مسؤولة عن العديد من الإصابات وأربعة وفيات. من السمات غير العادية لزلزال بوليفيا أنه تم الشعور به في مدن أمريكا الشمالية على بعد آلاف الكيلومترات الشكل(5).
الشكل(1)
الشكل(2)
الشكل(3)
الشكل(4)
الشكل(5)
المراجع:
Abe, K., 1981. Magnitudes of large shallow earthquakes from 1904 to 1980, Phys. Earth Planet. Int., 27, 72–92. 1985. Re-evaluation of the large deep earthquake of Jan. 21, 1906, Phys. Earth Planet. Int., 39, 157–166.
DeMets, C., R. G. Gordon, D. F. Argus, and S. Stein. 1990. Current plate motions, Geophys. J. Int., 101, 425–478. 1994. Effect of recent revisions to the geomagnetic reversal timescale on estimates of current plate motions, Geophys. Res. Lett., 21, doi:10.1029/94GL02118, 2191–2194.
Dziewonski, A. M. and D. L. Anderson, 1981. Preliminary reference earth model, Phys. Earth Planet. Int., 25, 297–356.
Engdahl, E. R., R. van der Hilst, and R. Buland, 1998. Global teleseismic earthquake relocation with improved travel times and procedures for depth determination, Bull. Seismol. Soc. Amer., 88, 722–743.
Engdahl, E. R. and A. Villase˜nor, 2002. Global seismicity: 1900–1999, In International Handbook of Earthquake and Engineering Seismology, San Diego, CA, Academic Press for International Association of Seismology and Physics of the Earth’s Interior, 665–690.
Frohlich, C. 2006. Deep Earthquakes. Cambridge University Press, 574 pp.
Gutenberg, B. and C. F. Richter, 1954. Seismicity of the Earth and Associated Phenomena (2nd edition), Princeton, N.J., Princeton University Press, 310 pp.
Omori, F., 1907. Seismograms showing no preliminary tremor, Bull. Imperial Earthquake Investigation Committee, 1, No. 3, 145–154