إن مناطق الانغراز تتميز ليس بأعظم وأعتى الزلازل على سطح الأرض بل وتملك التضاريس الأشد تعقيدا على سطح الأرض ومثال ذلك الخنادق المحيطية والتي يصل أعماق بعضها إلى 10-11كم كخنادق المحيط الهادي الغربي، إن عمق الخندق يكون مرتبطا بعمره وكذلك بدرجة حرارة الصفيحية السفلية حيث أن القشرة الميزوزوية الباردة والعميقة تؤدي على الدوام إلى تشكيل خنادق عميقة بينما القشرة الحديثة والعائدة للسينوزويك الأوسط تشكل خنادق أقل عمقا كما أن الخنادق العميقة تكون عمليا خالية من الرسوبات بينما الخنادق الأخرى والمجاورة لأنظمة التصريف القارية الرئيسية فتكون مليئة بالرسوبات اللحقية.
عند الاتجاه نحو القوس البركاني وذلك اعتبارا من الخندق، انظر الشكل (1)، فإنه في بعض الأحيان يمكن أن نصادف إسفينا إلتحاميا (طرفا ناميا بارزا) من الرسوبات والتي قد خضعت لعمليات تشوه (العديد من نطاقات الانغراز تفتقد للنتوء بشكل كامل أو أن بعضها قد يملك طرفا ناميا أو بارزا إلا أنه غير متطور بالشكل الكافي)، كما يعتقد أن الرسوبات المشكلة للاسفين الالتحامي (للطرف النامي) قد نشأت عن عملية إزالة الغطاء الرسوبي للصفيحة المندسة وذلك بفعل عملية الكشط الناجمة عن التراكب مع الصفيحة العلوية المقابلة، كما أن الرسوبات يمكن أن تكون منقولة إلى المنحدر من القارة والقوس المتعرضين لعمليات الحت، إن الطرف النامي أو البارز يشبه ويماثل طية رأسية وحزام التواء تراكبي دفعي على الأرض التي فيها فوالق مسطحة وفوالق انفصال عكسية تنتشر فوق القشرة المحيطية وقد تكون التراكبات متجهة نحو البحر غالبا ونحو القارة أحيانا كما هو الحال في أحزمة الطي والتراكبات النشطة على الأرض يمكن أن يكون الاسفين الالتحامي (الطرف البارز) قريبا ومغلقا لكامل منطقة الإجهاد الحرجة.
نظرا لأن الرسوبات متراكبة تحت الطرف النامي فإن جبهة الدفع والتراكب يمكن أن تتحرك بعيدا عن القوس كما يمكن للدفعات والتراكبات الأقدم باتجاه القوس أن تدور نحو الأعلى إلى عمق شديد الانحدار، مما ينتج انتفاخا طبوغرافيا يسمى بالقوس الخارجي المرتفع (البارز)، انظر الشكل(1)، كما لاحظ بيرني في العام 1988 أن رسوبات الطرف البارز (الاسفين الالتحامي) الحديث ضعيفة جدا لإنتاج زلازل كبيرة لكونها متشوهة، و قد اقترح أيضا أن القوس الخارجي المرتفع هو التعبير السطحي لتلك النقطة من منطقة الانغراز السفلى التي تحتها وتكون مواد الصفيحة العليا متماسكة بشكل كاف لتتشوه بواسطة انزلاق غير مستقر وتترافق بالزلازل، يشبه الطرف البارز (الاسفين الالتحامي ) الضعيف منطقة السرعة القصية الكبرى الموجودة في موديل و نطاق الفالق القاري، تدعى المنطقة التي تظهر فيها الصخور تصرفا احتكاكيا غير مستقر بالجدار، ويمكن لقمة الجدار أحيانا أن تنحدر نحو الخندق وكذلك نحو جبهة الزلازل في الصفيحة العليا وبالتالي يمكن أن تشكل قمة الجدار منطقة تماس بين الرسوبيات والصخور القاعدية (بازلت-غابرو).
تترافق الحركة في منطقة الانغراز تحت الجدار بالزلازل وعرض هذه المنطقة يرمز ب w وهو معامل حرج في تقدير منطقة الانقطاع لزلزال كبير في منطقة الانغراز، إن حد الانحدار السفلي لهذا النطاق السيسمي عند أعلى أو قمة الصفيحة الغائرة يكون محدود بالعمق الأعظمي للزلازل بين الصفائحية والتي تظهر ترابط وتوافق مع الانتقال والحركة المرنة في الصفيحة العلوية، و تحت هذا الانتقال، تصل درجة حرارة الصخور في الصفيحة العلوية إلى حد عال وكاف لكي تنخفض قوتها، وتبدي تصرفا احتكاكيا مستقرا وتتشوه بدون تأثير الحركات السيسمية، إن التيارات والحركات الحدية عند حدوث الانتقال المرن تشبه تلك المشاهدة في الصخور الفالقية، فكما هو معروف في النطاقات الفالقية القارية عن وجود حدود للزلازل كذلك الأمر هنا حيث أن هناك:
1- النطاق السفلي: إن حد النطاق السفلي لتمركز الزلازل بين الصفائحية يتسم بحدود لدونة الكوارتز عند درجة الحرارة (º300-º350) وهنا يحدث الانتقال تحت حد لدونة الكوارتز أي هو نطاق ضحل هش.
2- النطاق العلوي: أعلى من لدونة الفلدسبار وهو نطاق عميق لدن.
3- النطاق الانتقالي (منطقة انتقالية): وهو نطاق انتقالي بين النطاقين السابقين حيث يمكن للزلازل بين الصفائحية أن تنتشر فيه ويكون حده العلوي هو حد لدونة فلز الفلدسبار وذلك عند درجة حرارة (º450)، أي هو نطاق متوسط العمق هش ولدن.
تبقى المنطقة الداخلية للصفيحة الغائرة تحت منطقة الانغراز قوية بشكل كاف لتوليد الزلازل لأنها تتضمن صخورا قاسية يمكن أن تكون أبرد من الصفيحة العليا الواقعة فوقها مباشرة وكذلك مواد المعطف التي تبقى مرنة بدرجات حرارة تتحول فيها المواد القاسية إلى مرنة، إن حقيقة كون الليتوسفير المحيطي الغائر أبرد من جواره تؤدي بشكل عام إلى تدفق حراري منخفض في منطقة الالتحام الاسفيني (الطرف النامي المغطي).
تحت منطقة الزلازل البين صفائحية تحصل فوالق في الصفيحة الغائرة ناجمة عن تحول السربنتين إلى أوليفين وذلك على أعماق 300 كم، كما أنه يتحول الأوليفين إلى السبينل وذلك على أعماق 700 كم، وهنا نلاحظ أن الزلازل في مجال أعماق 300-700 كم يمكن أن يتجاوز قدرها 8، أما فيما يخص السبينل فإنه يتفكك إلى أشكال أكثف وذلك على أعماق أكبر من 700 كم، إلا أن هذه العملية لا تترافق بالزلازل.
إن منطقة الجدار المذكورة سابقا يمكن أن تتضمن حوض القوس الجبهي والمؤلفة من الانحدار القوسي الخلفي للقوس الخارجي البارز والانحدار الخندقي الأمامي لقوس الجزيرة البركاني نفسه، وكما هو معروف فإنه في العديد من نطاقات الانغراز المدروسة هناك تناقص في السيسمية الآلية باتجاه القوس البركاني ناجم عن التدفق الحراري العالي في القوس، فالحدود بين حوض جبهة القوس المولد للزلازل والقوس (اللاسيسمي) أو اللازلزالي تدعى بالجبهة اللاسيسمية (اللازلزالية).
إن حالة الجهد والإجهاد ضمن وخلف القوس البركاني يمكن أن تكون متمددة أو مضغوطة، وكأمثلة عن حالة التمدد خلف القوس نذكر الأحواض الخلفية للقوس البركاني في منطقة تاوبو في نيوزيلاندا وكذلك أحواض الأقواس في الصفيحة الهيلينية عند بحر إيجه وكذلك عدة مناطق جزر في منطقة المحيط الهادي الغربي بما في ذلك أقواس إيزو- بنين، ماريانا، و تونغا والتي تكون أيضا مترافقة مع أحواض خلفية للأقواس تتشكل فيها قشرة محيطية جديدة، أما بالنسبة لحالات الانكماش والانضغاط فنذكر القوس الياباني الشمالي والذي يتميز بانكماش وانضغاط عمودي على القوس، كما لوحظ انكماش وانضغاط الأقواس الخلفية في منطقة سومطرة وعلى الرغم من أن سومطرة مضروبة بفالق رئيسي ذو رمية انزلاقية اتجاهية ضمن القوس وموازية له.
إن حالات الجهد المتباينة يمكن وصفها وتفسيرها بالأخذ بعين الاعتبار أن حركة الصفائح ذات صلة بقاعدة المعطف المرجعية إلى حد ما والمشروحة بمبدأ النقاط الساخنة، بدلا من أن نعتبر وببساطة قيم السرع النسبية عند حدود الصفائح، وكما نعلم فإن البقع الساخنة تستخدم لإظهار وتعريف القاعدة المرجعية في المعطف حيث وكما ذكرنا سابقا فإن هذه النقاط تتولد عن شعب حرارية ومن ثم ترتفع على شكل ريش حرارية ضمن المعطف وإن آلية تشكلها ما تزال مبهمة، إن قاعدة مناطق الانغراز إذا كانت عميقة فإنها تولد زلازل على أعماق مئات الكيلومترات، وبالتالي يمكن استخدامها والاستفادة منها في تحديد قاعدة المعطف المرجعية، حيث من السهل تحريك الصفائح القاسية فوق سطح مرن إذا كانت الصفائح أفقية.
إن نطاقات الانغراز بصفيحتها المتوجهة دائما نحو الأسفل ولعدة مئات الكيلو مترات ضمن المعطف دائما ما تلعب دور مرساة بحرية تكتونية مما يجعل من العسير عليها أن تتحرك أفقيا ضمن المعطف السفلي انظر الشكل(2)، إلا أن الصفيحة المنغمسة في مناطق الانغراز بإمكانها مع الزمن الكبير أن تغير من درجة الانحدار وذلك نتيجة لتدفقات المعطف وبالتالي فإن وضعية الخندق نسبة إلى المعطف السفلي يمكن أن تتغير.
الشكل (1) يوضح مقطعا عرضيا نموذجيا لمنطقة 50 كم العليا من منطقة انغراز بما فيها الخندق والحوض العلوي ذو القوس البارزة والقوس البركاني، والشكل (2) يبين انثناء الصفيحة السفلى ومقدار تبدل انحنائها.
الشكل(1)
الشكل(2)